ملايين الجزائريين في الشوارع تضامنا مع غزة
من أعالي القصبة مرورا بمساجد وأزقة باب الواد وباب جديد وصولا إلى ساحة الشهداء ومقر مجلس البرلمان، تظاهر مئات الآلاف من الجزائريين،الجمعة، استجابة لدعوة الشيخ يوسف القرضاوي ومئات الدعاة والأئمة لـ"جمعة الغضب"، حيث جرفت الحشود الحواجز الأمنية المطوّقة لمقر مجلس الأمة..
حتى العشرات من الصينيين والأفارقة الذين تزامن وجودهم في ساحة الشهداء بمرور المتظاهرين التحقوا بالمسيرة الشعبية منددين بالجريمة الإنسانية المرتكبة في حق أهالي غزة..
العاصميون: "كلنا صلاح الدين.. كلنا استشهاديون"
"حلو الحدود.. نجاهدوا ليهود".."كلنا صلاح الدين..كلنا استشهاديون".. "إلى "غزة .. الشهادة أو العزة"، "أردوغان وتشافيز..رؤساء العزة" شعارات رددتها حناجر مئات الآلاف من الشباب والمصلين بمجرد خروجهم من مساجد "النصر"، "السنة"، "السلام"، "فتح الإسلام"، "التقوى" وغيرها من المساجد التي أطلقت خطب أئمتها حول غزة والعدوان الإسرائيلي ثورة من الغضب دفعت بالمصلين للجري عوض المشي في أزقة القصبة وباب الواد مرددين "باب الواد الشهداء..فلسطين الشهداء" وحتى شعارات حقبة التسعينيات طفت إلى السطح من جديد "عليها نحيا وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد وعليها نلقى الله"، كما انضمت النساء، العجائز إلى المسيرات بين المزغردة والمهللة.
ولم تعترض قوات الأمن ومكافحة الشغب التي طوقت ساحة الشهداء بصفة كاملة المتظاهرين وهم يعبرون شارع "العقيد لطفي" الرابط بين باب الوادي وساحة الشهداء غير أنه استنفرت جميع قوى الأمن بمجرد مرور المتظاهرين بالمديرية العامة للأمن الوطني المحاذية لساحة الشهداء، كما سجلت بعض المناوشات والمشادات بين الشباب المتظاهر وعناصر مكافحة الشغب لمدة تجاوزت الـ15 دقيقة عندما حاولت قوات مكافحة الشغب منع المتظاهرين اختراق شارع زيغود يوسف والحيلولة دون وصولهم إلى مجلس الأمة، إلا أن الغضب الشعبي ورمي بعض الشباب الحجارة والأحذية على أعوان مكافحة الشغب دفع بالمتظاهرين لجرف الحواجز الأمنية المحيطة بمجلس الأمة، حيث تسلق بعض الشبان وعلقوا العلم الفلسطيني جنبا إلى جنب مع العلم الجزائري فوق مبنى مجلس الأمة، كما حاول بعض الطائشين والمندسين في المسيرة تخريب مرافق مجلس الأمة إلا أن تدخل العقلاء وتهدئة المتظاهرين ودعوتهم للتعقل والالتزام بالهدف الأول للمسيرة وهو مناصرة "غزة" دفع المتظاهرين بالتقدم نحو المجلس الشعبي الوطني بهدف الوصول إلى ساحة البريد المركزي ومن ثم الصعود إلى قصر الحكومة، إلا أن تلويح قوات مكافحة الشغب بالهراوات أحدث حالة من الكرّ والفرّ بين المتظاهرين وقوات الأمن ما نتج عنه حالة من الاحتقان انتهت بمجرد اختراق حشود وجماهير قادمة من ساحة أول ماي باتجاه ساحة الشهداء الطوق الأمني، حيث التحم المتظاهرون من الجانبين واتحدت المسيرتان ووجد أعوان الأمن أنفسهم محاصرين من الجانبين ما اضطرهم إلى دفع المتظاهرين نحو ساحة الشهداء.
ودعا مؤطرو المسيرة الذين كان يتقدمهم بوخمخم وعبد الرزاق مقري، المتظاهرين إلى التوجه نحو مساجد العاصمة لأداء صلاة العصر بمجرد أن سُمع صوت الآذان ليفترق المتظاهرون رويدا رويدا بعد أن أحرقوا العلمين الإسرائيلي والأمريكي وصورة "كونداليزا رايس" و"حسني مبارك" بساحة الشهداء وهم يكبرون ويهللون.
آلاف المواطنين نجحوا في السير من الحراش إلى ساحة الشهداء
تمكن عشرات الآلاف من المتظاهرين تتقدمهم شخصيات سياسية من النزول إلى شوارع الجزائر العاصمة عقب صلاة الجمعة، في مسيرات غضب مساندة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لمحرقة يهودية وصهيونية في غزة.
ونجح المتظاهرون لأول مرة في السير من مسجد خالد بن الوليد بحي بلكور الشعبي إلى غاية ساحة الشهداء بوسط العاصمة، منذ مظاهرات 14 جوان 2001 التي أعقبها صدور قرار منع المسيرات في العاصمة، ورددوا عبارات مناهضة للصهاينة والولايات المتحدة ومنددة بما أسموه بأنظمة الخيانة والانبطاح في العالم العربي.
وحاولت تعزيزات مكثفة من قوات مكافحة الشغب منع المسيرة التي انطلقت عقب صلاة الجمعة من مسجد خالد بن الوليد بحي بلكور، إلا أن سيل المصلين الذين تقدمهم أحمد بن محمد وعبد القادر بوخمخم، وبعض الشخصيات من قدامى حركة مجتمع السلم، تمكن من فتح الحاجز الذي شكلته عناصر مكافحة الشغب بعد محاولات متعددة لمدة قاربت 20 دقيقة، لتتراجع قوات مكافحة الشغب فيما يشبه نوع من غض الطرف غير المعلن من قبلها، وبعد محاولات متكررة من بن محمد الذي عمل بشدة على إقناع عناصر الأمن بأنه قادر على التحكم في المسيرة، ولم تلجأ عناصر الأمن إلى استخدام العنف تجاه المتظاهرين رغم وجود الآليات والعربات والتجهيزات الخاصة بمكافحة الشغب.
وحاولت قوات الأمن وقف المسيرة بساحة أول ماي مرة أخرى، إلا أنها فشلت بسبب تصميم المتظاهرين على مواصلة السير إلى غاية ساحة الشهداء، كما كان متوقعا للمسيرة قبل انطلاقها، وبالفعل تواصلت المسيرة إلى غاية ساحة الشهداء تحت زغاريد النسوة اللائي خرجن إلى شرفات بيوتهن بشوارع بلوازداد وشارع حسيبة بن بوعلي.
ومباشرة بعد ما تجاوزت المسيرة ساحة أول ماي، سارعت قوات الأمن إلى الانسحاب وإخلاء الشارع أمام المتظاهرين الذين أبدوا سلوكا حضاريا، بإستثناء بعض الحوادث الطفيفة بحي بلكور، أين جرح شرطي، لتتواصل المسيرة التي انضم إليها الآلاف من مختلف مساجد وأحياء العاصمة، إلى غاية مقر مجلس الأمة ليلتقي المتظاهرون الذين قدموا من حي بلكور ونظرائهم الذين انطلقوا من أحياء ومساجد حي باب الواد الشعبي.
ومع وصول متظاهرين قدموا من أحياء الحراش والقبة إلى ساحة البريد المركزي تم إعادة توجيه المسيرة نحو شارع ديدوش مراد، وتواصل ترديد عبارات تلقي باللائمة في محرقة شعب غزة على الأنظمة العربية وخاصة بلدان الجوار وبالأخص نظام مبارك، وردد الشبان عبارات من قبيل "ماذا تفعلون بنا.. أرسلونا إلى غزة"، و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود" و"يا للعار يا للعار باعوا غزة بالدولار" في إشارة واضحة لمواقف بعض الدول العربية، ورددت شعارات تحمل انتقادات حادة للنظام المصري، في حين رددت هتافات تحيي موقف الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز ورئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان.
ورفعت لافتات كبيرة كتب عليها "قاطعوا منتجات إسرائيل وأمريكا والإتحاد الأوروبي ومصر"، ومطالبة بتعويضها بسلع ومنتجات تركيا وفنزويلا.
ومع وصول جموع المتظاهرين الذين انطلقوا من أحياء الحراش والقبة وإنضمامهم إلى المسيرة، تفرق الجميع بسلاسة كبيرة أمام أعين قوات الأمن وقوات مكافحة الشغب التي بقيت تراقب الوضع من بعيد.