لقد أصبح واضحا أنها ليست إسرائيل من يغلق أبواب غزة لاسيما باب معبر رفح الذي يصلها بالعالم ..وليس الاوروبيين إنما هم بشكل أساسي الفلسطينيين والمصريين ...
فلقد أظهرت المفاوضات الاخيرة غير المباشرة بين حماس واسرائيل أن الاسرائيليين غير معنيين بإغلاق معبر رفح بل لعلهم يريدون تعزيز انفتاح قطاع غزة على مصر بشكل كامل ينهي توترهم ويشغلهم بفلك أخر من الحسابات والاعمال..وتبين كذلك من مساجلات حماس مع المصريين انهم لا يمكن ان يقبلوا ان يفتح معبر رفح ليكون تحت إشراف القوة التنفيذية لحماس وان محمود عباس لا يسمح للمصريين ان يجعلوا المعبر من الجهة الفلسطينية تحت إشراف حماس، ومن جهة مقابلة فإن حماس لا تقبل ان تكون عبارة عن رقم مهمل بعد كل هذه التضحيات الجسيمة..اذن هكذا فإن حماس وعباس مسؤولان بشكل مباشر عن استمرار إغلاق بوابة القطاع عبر معبر رفح.
الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر يصرخ في كل مكان بضرورة فتح المعابر على قطاع غزة محذرا من كوارث بيئية وصحية ونفسية وسياسية ستحل بالمنطقة، والموقف نفسه للمبعوث الاوربي للمنطقة، حيث أدان كل السياسات التي تتعامل مع موضوع غزة قائلا إن سياسات فتح خاطئة وسياسات حماس خاطئة وسياسات اسرائيل خاطئة وانه لابد من فتح المعابر فورا.. وفي الاتجاه نفسه صرح وزير خارجية قطر بأن على الفلسطينيين ان يقلعوا عن الاوهام ولينقذوا غزة من هلاك محيط بها.
المنطق يغيب لدى قطبي التجاذب السياسي الفلسطيني فرغم ان كل قطب فيهما يبذل من الجهود الشيء الكبير لكي لا يخرج من المسرح السياسي على طريقة علاقات عامة، ويعتبر ذلك انجازا مابعده انجاز حتى لو قدم تنازلات جوهرية للعدو كان يوقف المقاومة ويتعهد بتوقيفها او ان يقر لإسرائيل بشريعة وجودها وان أكثر من 78 % من أرض فلسطين أصبحت ملكا للمشروع الصهيوني..
تنازلات ضخمة يبذلها الفلسطينيون في قطبي التجاذب لامريكا واسرائيل والنظام العربي ولكنهما قساة على بعضهما بعضا، مستعدين لقطع الارزاق والاعناق وتسميم الهواء والاستقواء بالخارج على الداخل والإمعان في العداوة والبغضاء ولكل مبررات وأسباب ولكنها بلاشك تصبح مبررات فارغة وأسبابا من سراب عندما يتعرض الشعب كله الى الضياع.
ليست غزة فقط في خطر بل كل فلسطين في خطر وان الانقسام والتعادي الداخلي لا يهدد فقط أهل غزة بل يهدد الضفة كلها بالضياع ويهدد اللاجئين بطي ملف العودة ويهدد مجمل القضية ان تلقى وراء الظهر..ماذا يحتاج الامر أكثر من موقف من هذا القطب او ذاك. وللأسف فإن موقف هذا اوذاك ليس له
أي فعالية لولا تسلحه بالنار أو المال .. وسيعرف الشعب يوما ما أين يضع جلاديه والرابضين على أنفاسه