كشفت دراسة علمية حديثة عن تعرض العديد من النظم البيئية البحرية لـ"أضرار جسيمة"، نتيجة "الطفرة" العمرانية التي تشهدها معظم الدول الخليجية الغنية بالنفط، الأمر الذي أدى إلى اندثار عدد كبير من الأنواع البحرية.
وأكدت الدراسة، التي كشف عنها صندوق حماية الحياة البرية WWF الاثنين، اختفاء أكثر من نصف الكائنات البحرية، خاصة الشعاب المرجانية، التي كانت تعيش في مياه الخليج قبل نحو 12 عاماً، إما بسبب الأنشطة البشرية، أو نتيجة الظواهر الحرارية الناجمة عن ظاهرة "التغيرات المناخية."
جاءت هذه الدراسة بعنوان "دراسة الشعاب المرجانية في أبو ظبي وشرق قطر"، واستغرق إعدادها قرابة ثلاث سنوات، بتمويل من شركة "دولفين للطاقة"، وبمشاركة كل من جمعية الإمارات للحياة الفطرية، وهيئة البيئة بأبوظبي، والمجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية بدولة قطر.
وبمناسبة إطلاق هذه الدراسة، قال مدير عام شركة "دولفين للطاقة"، إبراهيم الأنصاري، إن الغرض الرئيسي من هذا المشروع (الدراسة)، هو إعداد خريطة "تُعد الأولى من نوعها في المنطقة"، لسلسلة الشعاب المرجانية الممتدة في المياه الإقليمية لإمارة أبوظبي، وحتى الساحل الشرقي لدولة قطر.
وأشار الأنصاري، في مؤتمر صحفي عُقد بهذه المناسبة بالعاصمة الإماراتية، إلى أن المشروع كان يهدف أيضاً إلى "إعداد خطة طويلة الأجل، للحفاظ على مستوطنات الشعاب المرجانية، وذلك لحماية المرجان من خطر الإندثار، وحفاظاً على مخزون المنطقة من الثروة السمكية."
وفي إطار تعليقه على نتائج الدراسة، قال الأنصاري، في تصريحات لـCNN بالعربية: "لقد جمعنا ثروة معرفية لا نظير لها، وذات قيمة علمية كبيرة من هذا المشروع"، مضيفاً قوله: "لقد أصبح لدينا، نحن وشركاؤنا، معرفة بالمواقع التي تعاني فيها الشعاب المرجانية من التلف، والمواقع التي عادت فيها الشعاب للنمو مجدداً."
وفي إشارة على التأثيرات الخطيرة لما يُعرف بـ"الطفرة العمرانية" التي تشهدها معظم الدول الخليجية، أوضح الأنصاري قائلاً: "بفضل هذه المعرفة، أدركنا أن مشاريع التطوير الساحلية التي تجري على شواطئ المنطقة، تتسبب في موت هذه الشعاب المرجانية بمعدلات متسارعة."
من جانبها، تحدثت مديرة جمعية الإمارات للحياة الفطرية وممثلة صندوق WWF، رزان المبارك، عن الأهمية البيئية للشعاب المرجانية، قائلة إنها تمثل موطناً لنحو 25 في المائة من الحياة البحرية، إلا أنها أشارت إلى أن ما يزيد على 27 في المائة من أنواع الشعاب المعروفة حول العالم، تعرضت للإندثار نتيجة لأنشطة بشرية.
وفيما وصفت الخبيرة البيئية الإماراتية الدراسة بأنها "الأولى من نوعها بمنطقة الخليج العربي"، فقد أكدت في الوقت نفسه، أن صندوق الحياة البرية وضع حماية الشعاب المرجانية في أعلى قائمة أولويات عمله، بهدف المحافظة على الحياة البحرية على النطاق العالمي.
وفي تصريحات لـCNN بالعربية، على هامش المؤتمر الصحفي، قالت المبارك إن الخليج يُعد من أكثر المناطق التي تشهد فقدان الشعاب المرجانية، مشيرة إلى أن أكثر من 30 في المائة من الشعاب، التي تعيش في مياه الخليج، أصبحت في مرحلة "حرجة."
ومن أبرز النتائج التي كشفت عنها الدراسة، أن الظواهر الحرارية، التي شهدتها المنطقة في أعوام 1996 و1998 و2002، تسببت في تقلص المساحات المُغطاة بالمرجان الحي، إلا أن بعض أنواع من الشعاب المرجانية (18 من أصل 36 نوعاً) تمكنت من استعادة وتثبيت وجودها.
كما أكدت الدراسة، التي عرض نتائجها مدير المحميات البحرية بهيئة البيئة في أبوظبي، أشرف السبحي، أن بعض أنواع المرجان "المنضدي" الأبيض Acropora، ما تزال تجد صعوبة في استعادة حياتها مرة أخرى، حيث تم العثور على ثلاثة أنواع فقط من بين ستة أنواع كانت موجودة في مياه الخليج قبل نحو 12 عاماً.
ورصدت الدراسة قدرة بعض أنواع من المرجان على "التكاثر الجنسي"، من خلال تكوين يرقات تلتصق بأسطح مناسبة لتكوين شعاب جديدة، فيما لم يمكن رصد أي حالات "تكاثر لا جنسي"، بسبب صغر حجم مستعمرات المرجان، حيث يحدث هذا النوع من التكاثر عادة في المرجان "المنضدي"، الذي يتميز بكبر حجم مستعمراته.