لفت حرب العراق أكثر بكثير مما قدرت الإدارة الأمريكية عندما قررت خوض الحرب قبل خمس سنوات.
غير أن الجدل لا يزال محتدما بشأن مقدار الفاتورة النهائية للحرب إذ هناك من يرى أن التكاليف قد تبلغ 3 ترليونات دولار أمريكي.
ووفقا للأرقام التي أدلى بها مكتب الميزانية التابع لمجلس الشيوخ، فإن التكاليف المباشرة للحرب على الإرهاب والتي تشمل العمليات في العراق وأفغانستان بلغت 752 مليار دولار أمريكي في حال احتساب مبلغ 188 مليار دولار المخصص لهذه السنة.
وتم إنفاق نحو 80% من الملبغ المذكور في العراق.
وعند نهاية السنة المقبلة، فإن التكلفة المباشرة بالنسبة إلى الخزانة الأمريكية ستتجاوز مبلغ ترليون دولار أمريكي.
وكلفت الحرب إلى حد الآن أكثر من المبالغ التي كانت مقررة عند بدء الحرب وذلك بسبب طول أمدها.
وأدى طول أمد الحرب إلى تزايد النفقات على شراء الأسلحة لتعويض الذخيرة المستهلكة والعربات المدمرة، إضافة إلى التكاليف العالية لإبقاء أعداد كبيرة من الجنود في الميدان.
وفي الحقيقة، تضاعفت التكاليف السنوية للحرب منذ عام 2003 متجاوزة التكاليف الأولية التي توقع الرئيس الأمريكي جوج بوش أن تكلفها وهي مبلغ 74 مليار دولار أمريكي.
"تكاليف ضرورية"
وقال بوش الذي ألقى خطابا في وزراة الدفاع الأمريكية يوم 19 مارس/ آذار بمناسبة الذكرى الخامسة لحرب العراق إن تكاليف العراق تستحق الوفاء بها.
وأضاف بوش "لا أحد يجادل أن هذه الحرب لم تكلف كثيرا على مستوى حياة الأفراد والميزانية، لكن هذه التكاليف ضرورية عند أخذ تكلفة النصر الاستراتيجي (الذي كان يمكن أن يحققه) أعداؤنا في العراق في الاعتبار".
لكن الديمقراطيين يقولون إن الأموال التي صُرفت في العراق كان من الأفضل إنفاقها داخل الولايات المتحدة.
وقالت هيلاري كلينتون، الثلاثاء، إن تكلفة الترليون دولار أمريكي " كافية لتوفير الرعاية الصحية لـ 47 مليون أمريكي محرومين من التأمين الصحي وتوفير دور الحضانة لكل طفل أمريكي وحل أزمة السكن حلا نهائيا وجعل متابعة الدراسة في الكليات متاحة أمام الطلبة الأمريكيين".
وساهم ارتفاع تكاليف الحرب في تكريس عجز الميزانية الأمريكية والذي يمكن أن يرتفع أكثر فأكثر في حال تباطؤ أداء الاقتصاد الأمريكي.
وكذلك أدى ارتفاع التكاليف إلى تخفيض سقف الميزانيات المخصصة لبعض القطاعات، مما استدعى اعتماد حزمة حوافز اقتصادية كبيرة للتغلب على الصعوبات المالية.
وأصرت إدارة بوش على تمويل الحرب بتوفير "مخصصات طارئة" كل سنة وذلك يعني أنها لم تُدرَج في الحساب الرسمي لعجز الموازنات المستقبلية.
تأثير اقتصادي
ويرى العديد من الاقتصاديين أن التكاليف غير المباشرة للحرب أعلى بكثير من التكاليف المباشرة.
وخلصت دراسة أنجزها كل من عالم الاقتصاد، جوزيف ستيجليتس، من جامعة كولومبيا والذي سبق له أن فاز بجائزة نوبل وليندا بيلمز وهي خبيرة في الموازنات من هارفارد إلى أن تكلفة الحرب قد ترتفع إلى 3 ترليونات دولار أمريكي على الأقل.
ويقول البروفيسور ستيجليتس إن الرقم المذكور ضخم جدا لأنه يشمل التكاليف التي لم تتضمنها التقديرات الرسمية مثل تكلفة الرعاية الصحية مدى الحياة لصالح 65 ألف موظف أمريكي أصيبوا بجروح. ويضيف أن التشخيصات الطبية أظهرت أن 100 ألف من بين 750 ألف جندي مقاتل والذين أعفوا من الخدمة إلى حد الآن يعانون من مشكلات صحية نفسية.
وهناك تعويضات الإعاقة وتكاليف الرعاية الصحية التي ستتحملها الخزانة الأمريكية والتي ستستمر لعدة عقود.
تكاليف صحية
وتشمل التكاليف التي احتسبها البروفيسور ستيجليتس حرمان الاقتصاد الأمريكي من الاستفادة من خدمات الجرحى الذين أصبحوا غير قادرين على مزاولة أي نشاط اقتصادي منتج، إضافة إلى تكلفة استدعاء مئات الآلاف من جنود الحرس الوطني للإلتحاق بوحداتهم بدل بقائهم على رأس أعمالهم المدنية، مما يكلف الاقتصاد الوطني نحو 400 مليار دولار أمريكي.
وأضاف ستيجليتس أن من الضروري إضافة الفائدة التي ستضطر الحكومة الأمريكية لدفعها على القروض التي تقترضها والتي تصل إلى 600 مليار دولار أمريكي.
وكذلك يحتسب ستيجليتس تكلفة أسعار النفط المرتفعة والتي قال إنها تعزى جزئيا إلى الحرب.
ويرى ستيجليتس أن تمويل الحرب عن طريق إحداث عجز في الميزانية قد يرفع تكلفة الاقتصاد الكلي على المدى البعيد إلى مبلغ 1.9 ترليون دولار أمريكي.
ويقول ستيجليتس إن التكلفة الإجمالية لحرب العراق تقترب من تكلفة الحرب العالمية الثانية والتي كلفت الولايات المتحدة 5 ترليونات دولار أمريكي وفقا لتقديرات اليوم.
وتعكس هذه الأرقام المخاوف التي كان أعرب عنها لورانس ليندسي، أول مستشار اقتصادي للرئيس بوش والذي أقيل من منصبه في ديسمبر / كانون الأول عام 2002 بسبب تحذيره من أن حرب العراق قد تكلف 200 مليار دولار أمريكي.
لكن مؤيدي الحرب يرون أن العديد من هذه الحجج تبقى حججا افتراضية قائمة على أسس سياسية.
[center]