khoubech مشرف
عدد الرسائل : 604 العمر : 37 الموقع : khobchiano1921.skyrock.com المزاج : مرح نقاط : 12217 تاريخ التسجيل : 15/03/2008
| موضوع: إهتمام الاسلام بالتربية الخميس يوليو 03, 2008 5:38 pm | |
| الرسالات الالهية كلها رسالات تربوية، تستهدف تربية الانسان وإعداده للعيش في عالمي الدنيا والآخرة سعيداً منعّماً كما أراد الله سبحانه له أن يعيش. والرسالة الاسلامية بما أنها كبرى الرسالات، وخاتمة الشرائع، لذا كان اهتمامها بالغاً وشديداً بإعداد المؤمنين وتربية أنفسهم وأهليهم بقول الله الحق: { يا أيُّها الذينَ آمنوا قُوا أنفسَكُمْ وأهِليكُمْ ناراً وَقودُها النّاسُ والحِجارةُ عليها مَلائكةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يعصونَ اللهَ ما أمرهُمْ ويفعلونَ ما يُؤمَرونَ }.(التحريم/6) ففي هذه الآية أمر الله سبحانه عباده المؤمنين بتربية أنفسهم وأهليهم، من أبناء وزوجات..إلخ، لتكوين الفرد الصالح، والاُسرة الصالحة، تمهيداً لبناء مجتمع إسلامي قويم. وقد استجاب المؤمنون لهذا النداء، وتأثروا به تأثراً شديداً. فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (لما اُنزلت هذه الآية: { يا أيُّها الذينَ آمنوا قُوا أنفسكُمْ وأهليكم ناراً...} جلس رجل من المؤمنين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي وكَلفْتُ أهلي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك، وتنهاهم عمّا تنهى نفسك)(13). وجاء في تفسير هذه الآية عن الامام علي(عليه السلام): { قُوا أنفسكُمْ وأهليكُمْ ناراً...} علّموا أنفسكم وأهليكم الخيرَ وأدّبوهم)(14). وجاء في روايات وأحاديث وتوجيهات تربوية أُخرى ما يؤكد اهتمام الاسلام وحرص المسلمين على تربية الأبناء واهتمامهم بتنشئتهم وإعدادهم. فقد روي أن رجلاً جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: (يا رسول الله، ما حق ابني هذا؟ قال: تحسِّن اسمه وأَدَبَه(15) وضعه موضعاً حسناً)(16). وروي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (عَلّموا أولادكم السباحة والرماية)(17). وجاء في وصية الامام علي(عليه السلام) لولده الحسن من التوجيه والاهتمام التربوي ما يدعو كل مسلم إلى المبادرة والعناية بتربية أبنائه وصيانتهم من الانحراف والسقوط. والوصية قيّمة وطويلة نقتطف منها قوله (عليه السلام): (أي بُنيّ، إني لما رأيتني قد بلغت سناً، ورأيتني أزداد وهناً، بادرت بوصيتي إليك، وأوردت خصالاً منها قبل أن يعجل بي أجلي دون أن أقضي إليك بما في نفسي، أو أنّ أنقص في رأيي كما نقصت في جسمي، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى، وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور. وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما القيّ فيها من شيء قبلته، فبادَرْتُك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبُّك، لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كُفيتَ مؤونة الطلب، وعوفيتَ من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربّما أظلم علينا منه. أي بُنيّ، إني وإن لم أكن عمّرتُ عمر من كان قبلي، فقد نظرتُ في أعمالهم، وفكرتُ في أخبارهم، وسرتُ في آثارهم، حتى عدتُ كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلي من اُمورهم قد عمّرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفوَ ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصتُ لك من كل أمر نخيله، وتوخيتُ لك جميله، وصرفت عنك مجهوله، ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك، أن يكون ذلك وأنت مُقْبِلُ العُمُرِ وَمُقْتَبِلُ الدَّهْرِ، ذو نيَّة سليمة، ونفس صافية، وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله وتأويله وشرائع الاسلام وأحكامه وحلاله وحرامه...)(18). وفي دعاء الامام علي بن الحسين السجاد (عليهما السلام) نقرأ: (اللّهُمَّ ومُنَّ علي ببقاء ولدي، وبإصلاحهم لي وبإمتاعي بهم. إلهي امدد لي في أعمارهم، وزد لي في آجالهم، ورَبِّّ لي صغيرهم، وقوَّ لي ضعيفهم، وأصحّ لي أبدانهم، وأديانهم، وأخلاقهم، وعافهم في أنفسهم، وفي جوارحهم، وفي كل ما عنيتُ به من أمرهم...)(19). وهكذا تتأكد لنا عناية الاسلام ورعايته للطفل واهتمامه به.. واهتمام الاسلام وعنايته بتربية الطفل وإعداده تبدأ من العناية بعلاقة الأبوين، ومن حين وقوع النطفة في رحم الاُم، وعند تخلّقها ونموها جنيناً، وعند الولادة، وفي مرحلة الطفولة والصبا والمراهقة والاكتمال. فهي رعاية وتربية كاملة، تبدأ بتمهيد وإعداد الأجواء والظروف اللازمة لايجاد الطفل السوي المستقيم، وتنتهي بالعناية والرعاية التامة له في كل مراحل تكونه ونموه واكتماله. فقد ابتدأ الاسلام بتهيئة الجو النفسي في محيط الاُسرة لاستقبال الأولاد، وتكوين علاقة الودّ والمحبة معهم، بتحبيب الأبناء للآباء وحثهم على إنجاب الأولاد والاعتناء بتربيتهم وتوجيههم. فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من سعادة الرجل الولد الصالح)(20). وورد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام): (سعد امرؤ لم يمت حتى يرى خلفاً من نفسه)(21). وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: (البنات حسنات، والبنون نعمة، فإنّما يُثاب على الحسنات، ويُسأل عن النعمة)(22). وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (اذا أردت الولد فقل عند الجماع: «اللّهُمَّ ارزقني ولداً واجعله تقياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلى خير»)(23). وروى عنه أبو بصير قال: قال لي أبو جعفر: (إذا تزوج أحدكم كيف يصنع؟ قلت: لا أدري. قال: إذا همّ بذلك فليصلِّ ركعتين، وليحمد الله عزّوجل ثم يقول: اللّهُمَّ اُريد أن أتزوج، فقدّر لي في النساء أعفّهنّ فرجاً، وأحفظهنّ لي في نفسها ومالي، وأوسعهنّ رزقاً، وأعظمهنّ بركة، وقدّر لي ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي)(24). وكما قدمنا فإن تربية الطفل في الاسلام تعتمد على: 1 ـ إيجاد الاُم الصالحة، والمربية الصالحة، باعتبارها المصدر الأول الذي يتلقى عنه الطفل، ويتأثر به، ويكتسب منه. 2 ـ توفير جوّ نفسي عائلي، مشبّع بالحب والحنان، يساعد على النمو والتفتح النفسي عند الطفل. 3 ـ العناية الجسدية والنفسية والايمانية والسلوكية بالطفل من حين تكوّن النطفة، وحتى الولادة والطفولة والصبا والمراهقة والاكتمال. لذلك نجد الأحاديث الشريفة ترشد المسلمين وتحثّهم على العناية بالطفل وتربيته، وإعداده إعداداً جسدياً وعقلياً ونفسياً وسلوكياً سليماً. وتتناول التربية الطفل من حين ولادته، لذلك أوصى الاسلام بأن يُؤذّن في اُذن الطفل اليمنى، ويقام في اُذنه اليسرى، كي تكون أول كلمة تقع في اُذن الطفل على هذه الأرض هي كلمة التوحيد التي تذكّره بميثاق الفطرة التي انعقدت عليها نطفته.. وقد فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بالحسن والحسين(عليهما السلام) بعيد ولادتهما، وجعلها سُنة في اُمته، ثم أوصى بقوله: (من وُلد له مولود فليُؤذّن في اُذنه اليمنى بأذان الصلاة، وليُقم في اُذنه اليسرى، فإنها عصمة من الشيطان)(25). ومن المبادئ الاساسية التي يعتني بها الاسلام في التربية هي تربية الروح المعنوية وإشعار الطفل بقيمته وكرامته. والاسم المحبب كما نعلم هو عنوان لشخصية الطفل، وتكريم له.. لذلك حث الرسول الكريم على اختيار الاسم الحسن للطفل، وتكريمه به. فقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه جاءه رجل فقال: يا رسول الله ما حق ابني هذا؟ قال: (تحسِّن اسمه وأدبه، وضعه موضعاً حسناً)(26). ويواصل الاسلام العناية بالطفل، ويحثّ الاُم على رعاية رضيعها، ورضاعة ولدها من لبنها فهو الغذاء الطبيعي المتوازن الذي يحفظ للطفل صحته ونموه، ويصون جسمه وجهازه الهضمي من الارتباك والامراض. لذا وصف القول المأثور عن الامام علي (عليه السلام) هذه الحقيقة العلمية والتربوية بقوله: (ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن اُمه)(27). ثم حذّر الاسلام بعد ذلك من اتخاذ المراضع والمربيات المريضات وسيّئات الأخلاق، حماية لأخلاق الطفل، ووقاية له من تسرب عدواهنّ. فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا تسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن يعدي، وإنّ الغلام ينزع إلى اللبن ـ يعني إلى الظئر(28) ـ في الرعونة والحمق)(29). وعن الامام علي (عليه السلام): (اُنظروا مَنْ ترضع أولادكم، فإن الولد يشبّ عليه)(30). ثم تستمر العناية التربوية بالطفل وهو في مرحلة الطفولة والصبا والمراهقة فيأتي التوجيه الاسلامي عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام): (أمهل صبيَّك ستَّ سنين، ثم ضُمَّه إليك سبعَ سنين، فأدِّبهُ بأدبك، فإن قبل وصلح، والا فخلِّ عنه)(31). (بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة)(32). ويهتم الاسلام بالتربية النفسية، وتوفير الأمن والحب والحنان للطفل، لينشأ سوياً خالياً من التعقيد والحقد والكراهية.. لذلك أوصى الرسول الحكيم بقوله: (من قَبِّلَ ولده كتب الله عز ّوجل له حسنة، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة، ومن علّمه القرآن دُعي بالأبوين فَيُكسيان حلتين تُضيء من نورهما وجوه أهل الجنة)(33). وقال (صلى الله عليه وآله) : (أحبوا الصبيان وارحموهم، واذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم، فإنَّهم لا يرون إلا أنكم ترزقونهم)(34). وجاء عن الامام الصادق (عليه السلام) : (إن الله ليرحم العبد لشدة حبّه لولده)(35). من ذلك كله نستنتج أن الأبوين مسؤولان عن تربية أبنائهما تربية إسلامية سوية، وأن تقصير الأبوين في هذا الواجب يُعدّ عقوقاً من قبل الأبوين، وتضييعاً لأبنائهم وجنايةً عليهم | |
|