[size=18]مالك بن الريب بن حوط بن قرط بن حسيل بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مر ..
كان فاتكاً لصاً يصب الطريق مع شظاظ الضبي الذي يضرب به المثل فيقال :ـ ألص من شظاظ ...
ومالك الذي يقول :ـ
وحبس بمكة في سرقة فشفع فيه شماس بن عقبة المازني فاستنقذه ، وهو القائل في حبسه :ـ
منشؤه في بادية بني تميم بالبصرة من شعراء الإسلام في أول أيام بني أمية ...
مالك والغلام الأنصاري :ـ
وكان رجل من الأنصار من أهل المدينة استعمل على عمرو وحنظلة فقدم ، فأخذ مالكاً وابا حردبة فبعث بأبي حردبة وتخلف مع القوم الذين مع مالك ، وأمر غلاماً له بأن يسوق مالكاً ، فتغفل مالك غلام الأنصاري ، وعليه السيف فانتزعه منه ، ثم ضربه حتى قتله ثم شد على الأنصاري فقتله ، وهرب حتى قدم البحرين ثم قطع إلى فارس وقال :ـ
مروان بن الحكم يطلب مالكاً :ـ
وكان السبب الذي من أجله وقع مالك بن الريب إلى ناحية فارس أنه كان يقطع الطريق هو وأصحاب له ، منهم شظاظ الضبي ، وهو مولى لبني تميم ، وكان أخبثهم ، وأبو حردبة أحد بني أثالة بن مازن ، وغويث أحد بني كعب بن مالك بن حنظلة ، وفيهم يقول الراجز :ـ
فساموا الناس شراً ، وطلبهم مروان بن الحكم ، وهو عامل معاوية على المدينة فهربوا ، فكتب إلى الحارث بن خاطب الجمحي ، وهو عامله على بني عمرو وحنظله فطلبهم ، فهربوا منه ، وبلغ مالك بن الريب أن الحارث يتوعده فقال قصيدة طويلة أذكر بعضا ًمنها :ـ
وقال يهجو الحجاج :ـ
أقول إن هجاء مالك للحجاج بن يوسف هو جرأة رجل لا يعرف قيمة للحياة ، لأن الحجاج ذو سيف يقطر دماً ، لا يعرف الرحمة إذا مامس الأمر هيبته أو هيبة الدولة فيقابل ذلك عنده الموت ، ومع كل هالة الرعب التي أحاطها الحجاج لنفسه جاء من يكيل له الذم والهجاء آلا وهو مالك حيث يقول :ـ
ف
مالك والذئب :ـ
وبينما مالك ليلة نائم في بعض مفازاته ، إذ بيته ذئب ، فزجره لم يزدجر ، فأعاد فلم يبرح ، فوثب إليه بالسيف فضربه فقتله ، وقال مالك في ذلك :ـ
مالك والرجل الأسود :ـ
وبينما هو نائم في بعض مفازاته ، وكان لا ينام رحمه الله إلا متوشحاً سيفه ، إذا هو بشيء قد جثم عليه لا يدري ماهو ، فانتفض به مالك فسقط عنه ، ثم انتحى له بالسيف فقده نصفين ، ثم نظر إليه مالك فإذا هو رجل أسود كان يقطع الطريق في تلك الناحية فقال في ذلك :ـ
وانطلق مالك بن الريب مع سعيد بن عثمان إلى خراسان ، حتى إذا كانوا في بعض مسيرهم احتاجوا إلى لبن ...
فطلبوا صاحب إبلهم فلم يجدوه ، فقال مالك لغلام من غلمان سعيد :ـ
أدن مني فلانة ، لناقة كانت لسعيد غزيرة ..
فأدناها منه ، فمسحها وأبس بها حتى درت ثم حلبها ، فإذا أحسن حلب حلبه الناس وأغزره درة ..
فانطلق الغلام إلى سعيد فأخبره ، فقال سعيد لمالك :ـ
هل لك أن تقوم بأمر إبلي فتكون فيها وأجزل لك الرزق إلى ما أرزقك وأضع عنك الغزو ؟
فقال مالك :ـ
فلما سمع ذلك منه سعيد بن عثمان علم انه ليس بصاحب إبل ، وإنه صاحب حرب ، فانطلق به معه ...
مالك مجاهداً :ـ
أقول إن الإنسان مهما سار في دروب الشر ، عندما يثوب إلى رشده يعرف الحقيقه ..
فهذا مالك كان لصاً قاطعا للطريق ، وشعره يخبر عن عنفه وخشونته مر به سعيد بن عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن استعمله معاوية على خراسان ، وكان مالك من أجمل الناس وجهاً ، وأحسنهم ثياباً ، فلما رآه سعيد أعجبه ..
وقال له :ـ
مالك ويحك تفسد نفسك بقطع الطريق ؟ وما يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العبث والفساد وفيك هذا الفضل ؟
قال :ـ يدعوني إليه العجز عن المعالي ومساواة ذوي المروءات ومكافأة الإخوان ..
قال :ـ فإن أنا أغنيتك واستصحبتك أتكف عما تفعل ؟
قال :ـ إي والله أيها الأمير ، أكف كفاً لم يكف أحد أحسن منه فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة درهم في كل شهر ..
وأثناء خروجه غازياً في سبيل الله حصل له هذه الموقف الذي يحدثنا عنه أبو عبيدة حيث يقول :ـ
لما خرج مالك مع سعيد بن عثمان تعلقت ابنته بثوبه وبكت ، وقالت له :ـ أخشى أن يطول سفرك أو يحول الموت بيننا فلا نلتقي ، فبكى وأنشأ يقول :ـ
وفاته :ـ
اختلف المؤرخون في وفاته منهم من ذكر أنه مرض ومات ، ومنهم من قال طعن في معركة فسقط ، وقال أخرون بل مات في خان فرثته الجن لما رأته من غربته ووحدته ، ووضعت الجن الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه ..
وقال ابن الأعرابي :ـ مرض مالك بن الريب عند قفول سعيد بن عثمان من خراسان في طريقه ، فلما أشرف على الموت تخلف معه مرة الكاتب ورجل أخر من قومه بني تميم وهما الذان يقول فيهما :ـ
ومات في منزله ذلك فدفناه ، وقبره معروف إلى الآن وقال قبل موته قصيدته المشهورة التي قال فيها أبوعبيدة :ـ
الذي قاله ثلاثة عشر بيتاً والباقي منحول ولده الناس عليه ...
وهذه مرثيته الرائعة التي رثى فيها نفسه قبل ان يموت
شعر: مالك بن الريب
ألا ليتَ شِـعري هل أبيـتنَّ لـيـلـةً .... بجنب الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا
فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَـه .... وليت الغضى ماشى الرِّكاب ليالـيـا
لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى .... مزارٌ ولكـنَّ الغضى ليـس دانـيـا
ألم ترَني بِـعتُ الضـلالةَ بالـهـدى .... وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيـا
وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بـعـد ما...... أرانيَ عن أرض الآعـاديّ قاصـِيا
دعاني الهـوى من أهل أُودَ وصُحبـتي ..... بـذي ( الطِّبَّسَيْنِ ) فالتـفـتُّ ورائيا
أجبـتُ الهـوى لمّا دعـاني بـزفـرةٍ ...... تـقـنَّـعـتُ منـها أن أُلامَ ردائـيا
أقول وقد حالتْ قُـرى الكُـردِ بيـنـنا ..... جـزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا
إنِ اللهُ يُرجـعـني من الغـزو لا أُرى ...... وإن قـلَّ مالي طـالِبـاً ما ورائـيا
تقول ابنتيْ لمّا رأت طـولَ رحـلـتي ...... سِـفـارُكَ هـذا تـاركي لا أبـا لـيا
لعمريْ لئن غالتْ خـراسـانُ هامـتي ...... لقد كـنتُ عن بـابَي خراسـان نائـيا
فإن أنجُ من بـابَي خراسـان لا أعـدْ ...... إلـيـهـا وإن منَّيتُـموني الأمـانـيا
فللهِ دّرِّي يـوم أتـركُ طـائـعــاً ....... بـَـنيّ بأعـلى الرَّقمـتَـينِ ومالـيا
ودرُّ الظـبَّاء السـانحـات عـشـيـةً ....... يُخَبـّرنَ أنّي هـالـك مَـنْ ورائـيا
ودرُّ كـبـيـريَّ اللـذين كـلاهـمـا ....... عَلـيَّ شفـيـقٌ ناصـح لو نَـهانـيا
ودرّ الرجـال الشــاهـدين تَفـتُّـُكي ....... بأمـريَ ألاّ يَقْصُـروا من وَثـاقِـيا
ودرّ الهوى من حيـث يدعو صحابـتي ...... ودّرُّ لجـاجـاتـي ودرّ انتِـهـائـيا
تذكّرتُ مَنْ يـبـكي عـليَّ فـلم أجـدْ ....... سوى السيفِ والرمـح الرُّدينيِّ باكـيا
وأشقرَ محبـوكـاً يـجـرُّ عِـنـانـه ........ إلى الماء لم يترك له الـموتُ ساقـيا
ولكـنْ بأطـرف ( السُّمَيْنَةِ ) نـسـوةٌ .......عزيـزٌ علـيهـنَّ العشـيـةَ ما بـيا
صريعٌ على أيـدي الرجـال بقـفـزة ...... يُسـّوُّون لحدي حيث حُـمَّ قضائـيـا
ولمّا تـراءتْ عـند مَـروٍ مـنـيـتي ........ وخلَّ بها جسمـي، وحانـتْ وفاتـيـا
أقول لأصـحـابي ارفـعـوني فإنّـه ...... يَقَرُّ بعـيـنيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَـدا لِـيـا
فيا صاحبَـيْ رحلي دنا الموتُ فانـزِلا....... برابـيـةٍ إنّي مـقـيـمٌ لـيـالـيـا
أقيما عليَّ اليـوم أو بـعضَ لـيـلـةٍ .........ولا تُعـجـلاني قد تَـبيَّـن شـانِيـا
وقوما إذا ما اسـتـلَّ روحـي فهـيِّئا ........ لِيَ السِّـدْرَ والأكـفانَ عنـد فَنـائـيا
وخُطَّا بأطـراف الأسـنّة مضجَعـي ......... ورُدّا عـلى عـينيَّ فَـضـْلَ رِدائـيا
ولا تحـسـداني بـاركَ اللهُ فيـكـما......... من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا
خذانـي فجـرّاني بثـوبي إليـكـما.......... فقـد كنتُ قبل اليوم صَعْـباً قِـياديـا
وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخـيل أدبَـرتْ ....... سريعاً لدى الهيجـا إلى مَنْ دعانـيـا
وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى .......وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجـارِ وانـيـا
فَطَوْراً تَراني في ظِـلالٍ ونَعْـمـَةٍ ........... وطـوْراً تراني والعِـتاقُ رِكابـيـا
ويوما تراني فـي رحاً مُستـديـرةٍ .......تُـخـرِّقُ أطرافُ الـرِّماح ثيابـيـا
وقوماً على بئـر السُّمَينة أسـمِـعا ........ بها الغُرَّ والبيـضَ الحِسان الرَّوانـيا
بـأنّكما خـلفـتُـماني بـقـَفْـرةٍ .......... تَهِيـلُ عليّ الريـحُ فيها السّـوافـيا
ولا تَنْسَيا عـهدي خليـليَّ بـعد ما........ تَقَطَّعُ أوصـالي وتَبـلى عِظامـيـا
ولن يَـعدَمَ الوالُونَ بَثّـَا يُصيبـهم ........ ولن يَعـدم الميراثُ مِنـّي الموالـيـا
يقـولون: لا تَبْعَدْ وهـم يَدْفِنونـني....... وأينَ مكانُ البُـعـدِ إلا مَـكـانـيـا
غـداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غـدٍ ........إذا أدْلجُوا عنّي وأصـبحـتُ ثاويـا
وأصـبح مالي من طَـريفٍ وتالـدٍ ......... لغيري، وكان المالُ بالأمس مالـيـا
فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الـرَّحا .....رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَـلْوجٍ كما هيـا
إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنـزلـوا....... بها بَقراً حُـمّ العيـون سـواجـيـا
رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُـجـِنُّهـا ........ يَسـُفْنَ الخُزامى مَـرةً والأقـاحيـا
وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى ..... بِـرُكبانِـها تعلو المِـتان الفيافـيـا
إذا عُصَبُ الرُكبانِ بيـنَ ( عُنَيْزَةٍ ).......... و(بَوَلانَ) عـاجوا المُبقياتِ النَّواجِـيا
فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالـكٍ ........ كـما كنتُ لـو عالَوا نَعـِيَّكِ باكـِيـا
إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسـلِّمـي .........عـلى الـرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا
على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقـه.......... تُــراباً كسَحْـق المَرْنَبانيَّ هابـيـا
رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّـنـتْ .......... قـرارتُها مـنّي العِظـامَ البَوالـيـا
فيا صاحبا إما عـرضتَ فبلِـغـاً ........ بنـي مـازن والرَّيب أن لا تلاقـيـا
وعـرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنـها........ سَـتَفـلِقُ أكبـاداً وتُبـكي بواكـيـا
وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً .........بـعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّـرف رانـيا
بِعودٍ أَلنْجـوجٍ أضـاءَ وَقُودُهـا .......... مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُـوراً جَـوازيا
غريبٌ بعيدُ الـدار ثاوٍ بقـفـزةٍ .............. يَـدَ الـدهـر معروفاً بأنْ لا تـدانـيا
اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى ........ بـه مـن عيون المُؤنساتِ مُراعـيـا
وبالرمل منّا نسوة لو شَـهِدْنَنـي .......... بَكينَ وفَـدَّين الطـبـيبَ المُـداويـا
وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ ........ ذمـيماً ولا ودّعـتُ بالـرمل قالِـيا
فمنهـنّ أمي وابنـتايَ وخالـتي ........... وبـاكيةٌ أخـرى تَهيجُ البـواكـيـا
وما كان عهد الرمل مني واهله ........... ذميما ولا بالرمل ودعت قاليا
[/size]