عدد الرسائل : 604 العمر : 37 الموقع : khobchiano1921.skyrock.com المزاج : مرح نقاط : 12217 تاريخ التسجيل : 15/03/2008
موضوع: "الحضارة " الفرنسية في الجزائرأمام محكمة التاريخ الخميس يناير 01, 2009 3:57 pm
" الحضارة " الفرنسية في الجزائر أمام محكمة التاريخ في الوقت الذي كان الشعب الجزائري ينتظرمن الدولة الفرنسية أن تتدارك أخطاءها، التي تمثلت في اعترافها بمن أجرموا في حق الشعب الجزائري وضربها صفحا عمن يجب الاعتراف لهم، بتقديم كلمتين قصيرتين رسميتين أولاهما: الاعتذار وثانيهما: الاعتراف، جاء قرار بلدية " مارينيان " في مرسيليا بإنشاء تمثال يخلد ذكرى السفاح روجي دوغالدر أحد أشهر قادة المنظمة السرية الإجرامية الفاشية ومؤسس عصابة (ديلتا) الجناح العسكري لها الذي عاث فسادا ودمارا في الجزائرـ قبيل استردادها لسيادتها وحريتها ـ من حرق للمكتبات واغتيالات المثقفين..إلخ وبعد اعترافها بالحركى وقدماء منظمة الجيش السري، وربما في الوقت القريب قد تطالب الشعب الجزائري بتعويضات لأولئك المجرمين من أبنائها الذين قضوا أثناء حرب التحرير الوطنية. ويبدوأن هذه الاعترافات المتلاحقة والمدعومة بقانون 23 فيفري 2005 للمجرمين وتمجيد ما اقترفوه من جرائم وإبادة جماعية للجزائريين، وغض الطرف عن أولئك الضحايا الشهداء الجزائريين الذين حاربوا من أجل تحرير بلادهم، الذين ما تزال تعتبرهم (فلاقة وخارجين عن القانون) واعتبارها لما قامت به في الجزائرمن تدمير شامل هوتعمير وليس تدميرا. ومن تلك الحملات المتلاحقة والتي تعتبر جس نبض عن بعد للشعب الجزائري، ما هي في حقيقة الأمر إلا حلقة من تلك الحلقات التي أصبحت تستهدف وعلى المباشر أسس حضارة الأمة ومقومات وجودها، سواء تعلق الأمر بدعم اللغة الفرنسية في الجزائر، أووضع الحواجز والمطبات في طريق انتشار اللغة العربية، أوبمحاولات تكييف المنظومتين التربوية والثقافية وفق الأهداف الاستراتيجية لمستعمر الأمس، فإنه قد أضحى من واجب كل مواطن حر أن يستخدم ما لديه من وسائل مقاومة، الاستخدام الأمثل للوقوف في وجه هذه الحملات التي ظاهرها برد وحرير، وباطنها من قبله العذاب. وأرى أن أفضل وسيلة لحماية الأجيال الجديدة، من آثار محاولات طمس هويتهم وانتمائهم العربي الأمازيغي الإسلامي، هي تنويرهم بماضيهم، وماضي أجدادهم الأمجاد.
تاريخ يلهب ويحمس مثلما قال الفيلسوف الألماني فيخته...تحتم علينا كتابة تاريخ أمتنا، تاريخ يلهب ويحمس ويدفع بنا إلى الأمام، تاريخ يكون لدينا مثل الإنجيل، ويقرأ بنفس الحب والتقديس والإجلال، تمجيدا للأجداد وحثا لأنفسناعلى إقتفاء أثرهم، لنكون جديرين بالانتساب إليهم، ولنترك شيئا للأجيال المقبلة يضمن استمرارية شخصيتها). ولذلك وغيره، فإنه من دواعي الواجب والحق أن نقدم للشعب الجزائري عموما ولشبابه خصوصا، مناظرة قانونية، تمثلت في وقائع محاكمة تاريخية لليل الاستعمار، قام بتبويب فصولها الأستاذ مجاهدي بالقاسم، الذي تناول بالتفصيل أحداث وحوادث ووقائع فترة الاستعمار، عارضا جزءا كبيرا من تلك الجرائم التي تفاقمت، حتى وصلت درجة الإبادة الجماعية، الأمر الذي يضع الجيل الحالي والصاعد أمام الصورة الحقيقية لجرائم فرنسا، ويذكره بتلك المآسي والمحن التي كابد ويلاتها أجداده، وذاق مرارتها آباؤه، الذين ما يزال القليل ممن يعيش بين ظهرانينا، يحفظ قصصها وحكاياتها المرعبة، التي تواترت أنباؤها عبرعدة أجيال. لقد تحدث العديد من المؤرخين الجزائريين عن هذا الأمر المر، ومنهم على وجه الخصوص الدكتورين أبي القاسم سعد الله ويحي بوعزيز وغيرهما، فأحاطوا بجميع جوانب تلك الوقائع والأحداث، وتطرقوا بالتحقيقات العلمية لمختلف عمليات الحرق الجماعي، والخنق بالغازات السامة في الكهوف والمغارات التي لجأت إليها الأسر الجزائرية الهاربة من بطش الغزاة ، تلك المجازروالجرائم التي لا تعتبر في كل الأعراف والقيم الإنسانية النبيلة، إلا شكلا من أشكال الإبادة الجماعية الهمجية. هذه الإبادة التي لابد من التذكير بمآسيها، في كل وقت وفي كل حين، حفظا للذاكرة الجماعية للأجيال الحالية والقادمة، وحماية لهم من الإصابة بفيروس النسيان، هذا الداء الذي يحاول البعض من أبناء جلدتنا زرعه في صفوف الأمة الجزائرية ، لاسيما وقد لاحت تباشيره في الأفق، وبدأت تتجسد في محاولات تقليص الحجم الساعي لتدريس مادة التاريخ، بمختلف مراحل التعليم، والعمل على طمس وقائع ماضينا، وماضي جرائم من أبادوا وشردوا وحرقوا وتلذذوا بصور شواء جلود أجدادنا العظام. وهل من سلامة العقل وتوازن الشخصية نسيان تضحيات الأمير عبد القادر؟! وعدم تذكركفاح الشيخ بوعمامة؟! ومواقف وفحولة فاطمة نسومر؟! وغض الطرف عن ثورة بوبغلة والشيخ الحداد؟! والاستغناء عن دروس انتفاضة الزعاطشة؟! وأحمد باي ومعارك الصحراء الطاحنة ؟!! مرورا بسنمفونية ثورة التحريرالخالدة (54 / 62) ؟! هؤلاء الشهداء الذين من ـ دون شك ـ كانوا يعلقون آمالا عريضة في أعناق ذرياتهم، لأن تنتقم لهم ولحرائرهم المأسورات وأمهاتهم المفجوعات وأخواتهم المنتهكة أعراضهن، ولأبنائهم الذين تم نفيهم إلى أقاصي البحار والمحيطات (كايان وكاليدونيا) ولممتلكاتهم المسلوبة وكنوز مدنهم وحواضرهم المنهوبة، ومنها على سبيل المثال العاصمة، التي استولى هؤلاء الأوغاد وشذاذ الآفاق على ذخائرها ومعادنها النفيسةالتي لا تقدر بثمن . لكننا لا نريد الانتقام ـ قطعا ـ ونفضل أن ندعه للتاريخ وساما في جبين فرنسا الاستعمارية (المتحضرة). اللهم إلا المطالبة بالحد الأدنى المتمثل في وجوب الاعتراف بما قامت به فرنسا الاستعمارية من جرائم وتخريب في حق الشعب الجزائري طيلة وجودها بهذه الأرض الطيبة. والتمسك بحق عدم نسيان الماضي وعدم تمزيق الصفحة بتاتا، أوحرقها أو منع المؤرخين من الاطلاع على محتوياتها ـ كما قال هواري بومدين رحمه الله : (نعم لطي الصفحة ولكن لا لتمزيقها). جاعلين نصب أعيننا ذلكم القسم الغليظ الذي آل به الشيخ عبد الحميد بن باديس وما أدراك من هو عبد الحميد بن باديس!! قائلا ذات يوم: ( والله لوطلبت مني فرنسا أن أقول : لا إله إلا الله ما قلتها ) أتدرون لماذا ؟! لأنه ببساطة لا يثق بها وأدرك بعمق أهداف فرنسا الاستعمارية، واطلع على جرائمها، وما فعلته بعموم الشعب الجزائري المسلم.
عشر محاكمات كافية.. أثناء محاولاتي استعراض تلك الصورالبشعة والجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري، عثرت على كتيب سيء الطبع حديث التأليف ، لم يكتب له الحظ لأن يعرف طريقه إلى التوزيع والنشر، إذ قام صاحبه بتدوين مادته الثقافية وجمع قصاصاته التاريخية، وتبويب فصوله بشكل جيد جدا وبأسلوب تربوي هادف، الأستاذ مجاهدي بالقاسم مفتش التربية والتعليم، الذي قدم عمله هذا بكيفية لا تخلو من جدة وابتكار، فقد اهتدى إلى أسلوب سهل وطريقة مبسطة لعرض جرائم المستعمر الفرنسي، فوضعها على شكل محاكمات تاريخية، وعقد جلسات هذه المناظرة بمحكمة التاريخ المفترضة، و تولىالدفاع فيها عن الطرفين الجزائري والفرنسي محاميان انتدبهما المؤلف لشرح وتوضيح وجهتي النظرالمختلفتين، محامي دفاع الطرف الجزائري، يقوم باستعراض أمجاد الأمة الجزائرية، مذكرا بمآثرها، ومنجزاتها في مختلف الميادين، ولافتا الانتباه لصور وأشكال الخراب والتعذيب والتنكيل التي تعرض لها الشعب الجزائري ، وكذا الدمار الهائل الذي لحق بالوطن ( ثقافة واقتصادا ) وأثبت بالأدلة القاطعةوالبراهين الساطعة، أن الأمة الجزائرية أمة عريقة في تاريخها، وقد سبق نشوؤها حتى نشوء الأمة الفرنسية ذاتها، وذلك بشهادة أغلبية المؤرخين الموضوعيين المنصفين. بينما يقوم محامي الطرف الفرنسي بتولي جانب الدفاع عن فرنسا الاستعمارية التي ما جاءت إلى الجزائر ـ حسب زعمه ـ إلا لتقديم أساليب تمدن جديدة، وأنماط حياة عصرية، وأشكال تحضر وتحديث لعموم الشعب الجزائري. وقد حاول الطرفان أثناء مرافعاتهما الوقوف باستماتة من أجل تبرير وتسويغ مواقف موكلهما، وظهر في نهاية الجلسات وتبادل التهم أن براهين وأدلة محامي دفاع الشعب الجزائري كانت الأقوى دليلا، والأدحض عقلا، والأفحم منطقا، والأقنع حجة لقضاة مختلف الجلسات، تلكم الجلسات التي امتدت لتتتشكل من عشر محاكمات، غطت في مجملها كل فترة الوجود الأجنبي، بما فيه الاحتلال الفرنسي الذي دام مئة وإثنتين وثلاثين سنة. وتجدرالإشارة إلى أن هذه المحاكمات بما تحمله من زخم معرفي وفيض دلالي، ينبغي بل يجب أن تعرض في شكل مسرحية متكاملة الفصول، يسند تمثيل أدوارها لشبابنا من الممثلين المثقفين، خريجي مختلف مدارس الفنون الدرامية. لكن أين ذلكم المخرج المسرحي الكفؤ والغيور؟ الذي باستطاعته ماديا وفنيا تحويل هذا العمل الجميل، إلى قطعة فنية خالدة، قد تتوفر لها سبل النجاح، فتجوب مختلف ركوح مسارح العالم، مستعرضة لوحاتها وفصولها بشكل فني وبسنوغرافيا راقية، ما عاناه آباؤنا من ويلات الاستعمار الفرنسي، وكذا الأسباب العميقة التي جعلت الشعب الجزائري يثور ثورته الخالدة( أول نوفمبر 54 ). هذه الثورة التي أزالت ـ بفضل تضحيات ذريات أولئك الذين تم تشريدهم وتعذيبهم والتنكيل بهم ـ إلى الأبد كابوس الظلم والقهروالحرمان والغطرسة، ومع كل ذلك ها هم ـ وخلافاؤهم ممن أسندت إليهم مهام تحقيق أهداف الاستعمار الجديد التي سطرت برامجها في مراكز متخصصة من وراء البحار لزعزعة استقرارالشعوب، والعمل على بقائها تابعة متخلفة ـ يحاولون العودة مرة ثانية، متسللين من عدة نوافذ، (سميها الشراكة، التعاون ، الاستثمار، بلا دينار ولا دولار، الذي إن شاؤوا حولوه بين عشية وضحاها إلى استعمار، لاسيما والقابلية لهاذا الاستعمار متوفرة عندنا وبشكل فضيع، ونموذج العراق ليس ببعيد) متدثرين بأشكال وألوان حربائية، ومعتمدين أساليب ثعلبائية ماكرة، قد لا تشعرالأجيال الحالية بخطورتها ، ولا بما يمكن أن تترتب عنه من نتائج وخيمة، مؤكدة التأثير، تمهيدا للسطوة الكبرى. إذن فالحذرواليقضة مسؤولية وطنية ودينية، باتت ملقاة على عاتق كل جزائري واع بما يخطط لوطنه. لذلك، فإني أدعوكم (أيها القراء الأعزاء) لشد رحال السفر والإبحار في ليل الاستعمار، واكتشاف مآسيه وجرائمه، وهي فرصة متاحة للالتقاء بأجدادنا الميامين، الذين عبدوا لنا بأجسادهم الطاهرة طريق الحرية والاستقلال، ، ولتكن رحلتنا تلك عبر سفينة مرافعات تاريخية ومحاججات ثقافية وسجال قانوني، فإلى قاعة المناظرة الكبرى: نشر ب" صوت الأحرار"الجزائرية في 2006.02.27 الكتاب:في انتظارمن يتبنى إعادة طبعه ونشره من يعنيه الأمر فليتصل بسفارة "واتا " في الجزائر