بدلا من قاعات الأفراح الكبرى وبطاقات الدعوة وحلم الفستان الأبيض، يحدث عقد القران داخل قسم الشرطة، وتمضي وقائع الزفاف في مكان ليس له علاقة ! إنه واقع مأساوي وتجربة أليمة عاشتها20 ألف فتاة حسب الإحصاءات والدراسات.
بحضور لفيف من الضباط والجنود تبدأ إذن مراسم الحفل البهيج، وبشهادة اثنين من المخبرين يتم عقد القران، وبإشارات الاستحسان من السادة المجرمين وفي وجود بعض الأشقياء والمسجلين خطر تتابعت وقائع ليلة العمر. قد يبدو التعليق ساخرا لكن هذا هو الواقع المر الذي عاشته هؤلاء الفتيات اللاتي كتب عليهن إتمام أحلي لحظات العمر داخل أقسام الشرطة.. تنوعت الأسباب ومرارة الهم واحدة.
أحيانا يكون السبب هو الرغبة في وضع الأهل تحت الأمر الواقع، وذلك عندما تحب البنت زميلا لها في الجامعة
وتواجه رفض الأسرة فتتزوجه عنوة، وأحيانا يقع هذا الزواج بأمر الضابط ويقبله الطرفان هروبا من السجن لارتكابهما فعلا مخلا. وقد تذهب حواء لتنصب فخاخها حول شاب وتدعي اعتداءه عليها والتغرير بها فتأمر النيابة إما الزواج أو الحبس ويختار هو الحل الأول غالبا.. دراسة أجريت بالمركز القومي للبحوث تشير إلي أن معدل حدوث هذه الحالات بالوجه القبلي تجاوز المائة حالة.. في المدن تزداد من300 إلي400 حالة بلا ضمانات تذكر سوى مهر ومن الوقائع الفعلية التي وقعت في هذا السياق حكاية الفتاة الصغيرة التي وقعت في غرام سائقها الخاص وتركت أسرتها المرموقة وذهبت لتكمل حياتها مع هذا الرجل.. علم الأب فأبلغ الشرطة بحادثة اختطاف ابنته وفي حضور جميع الأطراف يفاجأ الأب بأن ابنته تؤكد أمام الجميع أنها تزوجت بإرادتها وأنها تحب زوجها الذي لم تتجاوز مؤهلاته الإعدادية وهي خريجة الجامعة.
نوع آخر من القضايا ينتهي بالزواج في قسم الشرطة لكن حواء هذه المرة هي التي تنصب شباكها لآدم لتجعله
الفريسة وتجبره علي الزواج منها في القسم، السكرتيرة الحسناء أوقعت برجل الأعمال في شباكها حتى أقام معها علاقة ولكنها أخذت أدلتها لتقدمها للنيابة وبالفعل يتزوجها تحت ضغط الخوف من تلطيخ سمعته. لكن هذه السكرتيرة لم تكن أذكي من تلك الفتاة التي أوقعت ابن الجيران عديم الخبرة في شباكها وأنوثتها حتى أصبح يتردد علي شقتها التي هي في الأصل تعمل بها خادمة ونشأت علاقة بينهما، لكن المفاجأة أن الشرطة تهاجم الشقة ببلاغ من مجهول ليتزوجها الفتي مع أول تهديد بالحبس من ضابط القسم. مصدر بوزارة الداخلية يلاحظ أن معظم حالات الزواج التي تمت داخل قسم الشرطة كانت حسب متابعته بسبب الزواج العرفي، حيث تشعر الفتاة بعد فترة من الحياة بورقة عرفية أنها مهددة هي وطفلها بضياع مستقبلها فتلجأ إلي الشرطة للحصول علي الورقة الشرعية.. كذلك حالات الخطف والاعتداء، وذلك لإنقاذ الشرف، لكن هذه الحالات يفلت بها المعتدي من السجن بورقة الزواج ويطلق الفتاة بعد فترة قصيرة!!
ويمكن تقسيم هذه الحالات كالتالي: 78% زواجا من فئات غير المثقفين، 14% من متوسطي الثقافة، أما النسبة
الباقية 8% فهي للمثقفين.
ويوضح المصدر أنه يتم استدعاء مأذون المنطقة بطلب رسمي وحضور أهل الطرفين، وهناك حالات يتم فيها أخذ
تعهد من أولياء الأمور بعدم التعرض للزوجين، إلا أن أغلب الحالات التي تتم في قسم الشرطة هي لفتيات هاربات من ذويهن ومعظمهن من الأقاليم والأرياف، حيث يحضرن العاصمة التي تشتهر بالازدحام ولا أحد فيها يعرف الآخر.
الأسباب
ترجع هذه الظاهرة إلي حالة التفكك والضياع واللا توازن والبعد عن التعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية جراء الانكسار أمام الحضارات الأخرى والانبهار بمظاهرها، فأصبح التقليد الأعمى لكل ما هو غربي سبيلنا، وصارت الحرية لدينا غير منضبطة وتعني الفوضى العارمة في كل المجالات.
أضف إلي ذلك ما يعانيه الشباب الراغب في الزواج من مغالاة رهيبة في تكاليف مشروع تأسيس بيت الزوجية، حيث المهر والخطوبة ومستلزمات السكن، في الوقت الذي يفتقدون فيه فرص العمل التي توفر لهم القدرة المالية، فضلا عما يشاهدونه من مظاهر إفساد أخلاقي في الشارع ووسائل الإعلام المختلفة خاصة الفضائيات التي تتنافس في تقديم العري، كل هذه العوامل تتضافر علي الشباب لتوقعهم فريسة سهلة للانحراف والجرائم